شهد سوق العملات الرقمية تطورات ملحوظة في عام 2025، حيث تمكنت عملة الإيثريوم (ETH) من التفوق على البيتكوين (BTC) في معدل الارتفاع منذ بداية العام، وذلك لأول مرة منذ عدة أشهر.
هذا التحول يعكس تغيراً في ديناميكيات السوق، حيث بدأ المستثمرون المؤسسيون يوجهون أنظارهم نحو الإيثريوم بشكل أكبر، مدفوعين بزيادة الثقة في بنيته التكنولوجية وتوسع تطبيقاته.
ومع وصول سعر الإيثريوم إلى مستويات تفوق 4,000 دولار لأول مرة منذ ثمانية أشهر، أصبح واضحاً أن العوامل الاقتصادية والمؤسسية تلعب دوراً جوهرياً في دفع هذا النمو.
![]() |
الإيثريوم يتخطى البيتكوين في الأداء السنوي وسط موجة شراء مؤسسية قوية |
الأداء السعري وتفوق الإيثريوم
منذ بداية عام 2025، ارتفع سعر الإيثريوم بنسبة تقارب 29%، متجاوزاً مكاسب البيتكوين التي بلغت حوالي 28% في نفس الفترة.
هذه النسبة قد تبدو متقاربة، لكنها تحمل دلالات مهمة، إذ تشير إلى أن الإيثريوم بدأ يستعيد موقعه كمنافس قوي للبيتكوين، بل ويتفوق عليه في بعض المؤشرات.
يُتداول الإيثريوم حالياً عند نحو 4,311 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ 16 ديسمبر 2024 عندما بلغ 4,107 دولار. هذا الارتفاع لم يأتِ صدفة، بل جاء نتيجة مزيج من العوامل التقنية والاقتصادية، بالإضافة إلى تحركات استثمارية واسعة النطاق من قبل المؤسسات الكبرى.
ويبدو أن الإيثريوم قد استفاد من ترقية شبكته وتحسين قابلية التوسع، وهو ما عزز ثقة المستثمرين الأفراد والمؤسسات على حد سواء. كما أن تزايد الطلب عليه من قبل المحافظ الاستثمارية الرقمية ساهم في رفع السعر بشكل ملحوظ.
عند المقارنة بالبيتكوين، يلاحظ أن الإيثريوم يحظى بزخم مختلف، إذ يعتمد على بيئة تطبيقية أوسع تشمل العقود الذكية والتمويل اللامركزي (DeFi)، ما يمنحه مرونة وقدرة أكبر على جذب شرائح جديدة من المستثمرين.
دور الطلب المؤسسي في دعم الإيثريوم
واحدة من أبرز العوامل وراء تفوق الإيثريوم هي موجة الشراء الكبيرة من قبل الشركات الاستثمارية، خصوصاً ما يُعرف بشركات الخزائن الرقمية (Digital Asset Treasuries – DATs).
هذه الشركات تحاول تطبيق نموذج مشابه لما فعله مايكل سايلور مع البيتكوين، من خلال تخصيص جزء من أصولها لشراء وتخزين الإيثريوم.
في الأسابيع الأخيرة، شهد السوق عمليات شراء ضخمة للإيثريوم من قبل هذه المؤسسات، الأمر الذي ساهم في خلق ضغط شراء متواصل ودفع الأسعار للارتفاع.
اللافت أن هذا الطلب المؤسسي لا يقتصر على الأسواق الفورية، بل يمتد إلى المنتجات الاستثمارية المتداولة في البورصة، ما يعزز من سيولة السوق ويحد من تقلبات الأسعار.
هذه الظاهرة تشير إلى تحول استراتيجي لدى المؤسسات، حيث لم يعد البيتكوين الخيار الوحيد للتحوط أو التنويع، بل أصبح الإيثريوم منافساً حقيقياً على صعيد الاستثمارات طويلة الأجل.
تأثير صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs)
شهدت صناديق المؤشرات المتداولة المعتمدة على الإيثريوم ارتفاعاً ملحوظاً في صافي التدفقات الداخلة خلال الأسابيع الأخيرة، متفوقة على نظيراتها المعتمدة على البيتكوين.
وفق البيانات الأخيرة، أضافت الصناديق القائمة على الإيثريوم نحو 5 مليارات دولار خلال الشهر الماضي وحده، ليصل إجمالي التدفقات الداخلة منذ بدء التداول في يوليو 2024 إلى أكثر من 9 مليارات دولار.
إجمالي الأصول الخاضعة للإدارة في هذه الصناديق يبلغ حالياً حوالي 20 مليار دولار، وهو رقم يعكس الثقة الكبيرة التي يضعها المستثمرون المؤسسيون في الإيثريوم كأصل استثماري طويل الأمد.
هذا النشاط في صناديق المؤشرات يعكس أيضاً تحولاً في عقلية المستثمرين، حيث أصبحت المنتجات الاستثمارية القائمة على الإيثريوم أداة رئيسية للوصول إلى السوق دون الحاجة للتعامل المباشر مع التعقيدات التقنية للعملات الرقمية.
آفاق مستقبلية وتحديات محتملة
على الرغم من الأداء القوي للإيثريوم في الفترة الأخيرة، إلا أن الطريق أمامه ليس خالياً من التحديات. المنافسة مع البيتكوين ستظل مستمرة، خاصة مع أي تطورات تنظيمية قد تؤثر على تدفقات رؤوس الأموال نحو العملات الرقمية.
كذلك، قد تواجه شبكة الإيثريوم تحديات تقنية مرتبطة بالتوسع وزيادة الطلب على المعاملات، ما يتطلب استمرار العمل على تحسين الأداء والرسوم.
من جهة أخرى، فإن استمرار الدعم المؤسسي وصعود المنتجات الاستثمارية الجديدة قد يعزز من مكانة الإيثريوم ويدفعه إلى مستويات قياسية جديدة.
في حال استمرت هذه العوامل الإيجابية، قد نشهد تفوق الإيثريوم ليس فقط في النسب المئوية للنمو، بل وربما في القيمة السوقية على المدى البعيد.
تفوق الإيثريوم على البيتكوين في مكاسب الأسعار منذ بداية عام 2025 ليس مجرد حدث عابر، بل هو مؤشر على تحول أعمق في السوق.
تزايد الطلب المؤسسي، وارتفاع شعبية صناديق المؤشرات، والتحسينات التقنية في الشبكة، كلها عوامل تدعم هذا الاتجاه الصعودي.
ومع ذلك، تبقى اليقظة مطلوبة في ظل التقلبات التي تميز عالم العملات الرقمية، لكن المؤشرات الحالية تشير إلى أن الإيثريوم يسير بخطى واثقة نحو تعزيز موقعه كأحد أعمدة الاقتصاد الرقمي المستقبلي.